إسرائيل توسّع نفوذها في الشمال السوري وسط غموض سياسي ونفوذ تركي متزايد
إسرائيل توسّع نفوذها في الشمال السوري وسط غموض سياسي ونفوذ تركي متزايد
اخبار سورية – فبراير 2025
تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة في ظل غموض المشهد السياسي والاستراتيجي، ما دفع إسرائيل للتحرك على جبهتها الشمالية لحماية مصالحها الأمنية. فبحسب ألون أفيتار، المستشار السابق للشؤون العربية في وزارة الأمن الإسرائيلية، تمر سوريا بمرحلة “انتقالية من الفوضى إلى واقع جديد”، دون أن تتضح معالمها بعد.
إسرائيل تعزز حضورها العسكري في سوريا
هذا الغموض دفع إسرائيل لاتخاذ إجراءات استباقية، حيث نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين عسكريين تأكيدهم ضرورة فرض منطقة نفوذ تمتد 60 كيلومترًا داخل الأراضي السورية. ويرى الجيش الإسرائيلي أن هذا الانتشار العسكري يهدف إلى منع تهديدات مستقبلية قد تنطلق من الشمال السوري، مستشهدًا بتجربة هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته “حماس” على جنوب إسرائيل من قطاع غزة.
القلق الإسرائيلي من النفوذ التركي
لا يقتصر القلق الإسرائيلي على الوضع السوري الداخلي فحسب، بل يمتد ليشمل الدور التركي المتصاعد في سوريا. فبحسب أفيتار، فإن أنقرة استغلت غياب السلطة المركزية في دمشق لتوسيع نفوذها، حيث دعمت الفصائل المعارضة سابقًا، والآن تعيد ترتيب علاقاتها مع النظام السوري لتحقيق مصالحها.
وتنقل تقارير إسرائيلية تحذيرات من داخل تل أبيب حول الدعم التركي للإدارة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، معتبرة أن هذا الدعم قد يُشكّل تهديدًا طويل الأمد لإسرائيل.
تركيا.. البحث عن المصالح في سوريا
من الجانب التركي، يرى المحلل السياسي مهند حافظ أوغلو أن دعم أنقرة للمعارضة السورية كان أحد العوامل الأساسية التي أضعفت نظام الأسد، لكنه يشير إلى أن أنقرة اليوم تعمل على تعزيز علاقاتها مع دمشق لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وأمنية.
لكن هذا التقارب السوري-التركي لا يلقى ترحيبًا في إسرائيل، حيث حذّرت لجنة حكومية إسرائيلية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من إمكانية تصاعد التوتر مع أنقرة بسبب دعمها المتزايد للإدارة السورية.
إسرائيل وتركيا.. صراع النفوذ في الشمال السوري
يُعدّ الشمال السوري واحدًا من أكثر المناطق حساسية في الصراع الإقليمي، حيث تمتد السيطرة التركية على مساحة واسعة تشمل أكثر من ألف بلدة ومدينة، أبرزها:
- عفرين
- تل أبيض
- رأس العين
- الباب
- أعزاز
- جرابلس
- جنديرس
وقد دخلت القوات التركية هذه المناطق منذ عام 2016 بعد معارك ضد تنظيم داعش وعمليات عسكرية استهدفت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). كما أنشأت أنقرة ست قواعد عسكرية رئيسية في الشمال السوري، إلى جانب تسليح وتمويل فصائل محلية مثل “الجيش الوطني السوري”، الذي خاض معركة “درع الفرات” عام 2017.
وفي المقابل، ترى إسرائيل أن الدعم التركي لقسد يهدف إلى تقسيم سوريا، بينما تعتبر تل أبيب أن هذه القوات تلعب دورًا محوريًا في استقرار الشمال السوري ومنع التهديدات الأمنية المستقبلية.
التمدد الإسرائيلي في الجنوب السوري
لم تقتصر التحركات العسكرية الإسرائيلية على الشمال السوري فقط، بل اتسعت لتشمل الجنوب، حيث استغل الجيش الإسرائيلي الأحداث التي شهدها الثامن من ديسمبر، ودخل إلى المنطقة العازلة في هضبة الجولان، محكمًا سيطرته على جبل الشيخ الاستراتيجي بقممه الأربع، وهي منطقة ذات أهمية جغرافية وأمنية قصوى، وفق ما صرّح به وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
كما شملت العمليات الإسرائيلية السيطرة على مناطق جديدة في درعا والقنيطرة، وسط تصاعد الخطاب الداخلي الإسرائيلي المطالب بتوسيع النفوذ إلى عمق 60 كيلومترًا داخل سوريا.
ختامًا.. ما الذي ينتظر سوريا؟
في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى المشهد السوري مفتوحًا على مزيد من التصعيد والتوتر. فإسرائيل، التي تعمل على توسيع نفوذها العسكري شمالًا وجنوبًا، تراقب بحذر التحالف التركي-السوري الجديد، وتخشى أن يتحول إلى تهديد استراتيجي طويل الأمد.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح إسرائيل في فرض واقع جديد داخل سوريا، أم أن صراع النفوذ الإقليمي سيعيد رسم موازين القوى من جديد؟