أخبار سوريااخبار الدول العربيةالاخبارالسياسة السورية

إسرائيل تواصل غاراتها على سوريا ضمن استراتيجية “حرب الدوائر الثلاث”

إسرائيل تواصل غاراتها على سوريا ضمن استراتيجية “حرب الدوائر الثلاث”

اخبار سورية – فبراير 2025

تواصل إسرائيل تصعيد هجماتها العسكرية على الأراضي السورية، ضمن ما بات يُعرف بـ “حرب الدوائر الثلاث”، وهي عقيدة حربية إسرائيلية جديدة تهدف إلى فرض نزع السلاح في مناطق واسعة تمتد من جنوب سوريا وحتى لبنان وقطاع غزة، وفق ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب.

وبحسب هذه المصادر، فإن الجيش الإسرائيلي وضع خططًا استراتيجية تعتمد على إنشاء ثلاث دوائر أمنية متتالية، تبدأ بخط دفاعي محكم داخل إسرائيل، ثم إقامة حزام أمني داخل الأراضي المجاورة، وأخيرًا فرض منطقة منزوعة السلاح بعمق واسع داخل كل دولة مستهدفة.

سوريا تحت نيران الغارات المتواصلة

في الجبهة السورية، تعزز إسرائيل تحصيناتها الدفاعية على الحدود عبر بناء جدار أمني متطور مزود بأجهزة مراقبة إلكترونية، بالإضافة إلى إنشاء قواعد عسكرية في المناطق المرتفعة المطلة على الجنوب السوري.

أما في الدائرة الأمنية الثانية، فقد وسّعت إسرائيل نطاق الحزام الأمني ليشمل أكثر من 400 كيلومتر مربع، متجاوزًا المنطقة العازلة التي أُنشئت بموجب اتفاق فصل القوات عام 1974. كما قامت باحتلال جميع قمم جبل الشيخ الاستراتيجية، حيث أنشأت تسع قواعد عسكرية مطلة على الأراضي السورية واللبنانية.

وفي الدائرة الثالثة، تمتد العمليات العسكرية الإسرائيلية من دمشق وصولًا إلى الحدود الأردنية والمرتفعات الغربية. وتستهدف هذه الغارات تدمير البنية العسكرية السورية، حيث شنّ سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 500 غارة خلال 72 ساعة عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ما أدى إلى تدمير نحو 90% من الدفاعات الجوية والبحرية السورية، وفق تقديرات عسكرية.

ورغم ادعاء إسرائيل أن غاراتها تستهدف مخازن أسلحة وخلايا إرهابية، إلا أن المتابعين يرون أن القصف يهدف بالدرجة الأولى إلى فرض واقع جديد يمنح إسرائيل نفوذًا سياسيًا وعسكريًا في مستقبل سوريا، وسط انشغال القوى الإقليمية والدولية بإعادة ترتيب الأوضاع هناك.

تل أبيب تدفع باتجاه تقسيم سوريا

في تطور لافت، صرّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، خلال اجتماع في بروكسل، بأن إسرائيل “تسعى لانضمام سوريا ولبنان إلى اتفاقيات إبراهيم”، مشيرًا إلى أن تل أبيب تؤيد تحويل سوريا إلى دولة فيدرالية مقسمة إلى دويلات ذات حكم ذاتي، بذريعة حماية حقوق الدروز والأكراد.

لكن هذه التصريحات تأتي في ظل تناقض واضح، إذ تتبنى إسرائيل منذ عقود سياسات تمييزية صارخة ضد اليهود الشرقيين، بمن فيهم الأكراد، كما تفرض قيودًا مشددة على الدروز داخل أراضيها، ما يعكس تناقضًا بين خطابها السياسي وممارساتها الفعلية.

رد سوري وتصعيد إسرائيلي

في مواجهة هذه التطورات، جاء الموقف السوري واضحًا وحاسمًا خلال مؤتمر الحوار الوطني في دمشق، حيث أكدت القوى الوطنية على “وحدة الأراضي السورية ورفض أي شكل من أشكال التقسيم أو الاحتلال”، إضافة إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية والمطالبة بانسحابها الفوري”.

ولم يتأخر الرد الإسرائيلي على هذا الموقف، حيث شنت الطائرات الحربية سلسلة غارات استهدفت مواقع قرب دمشق ودرعا، بعد ساعات من انتهاء المؤتمر.

امتداد الاستراتيجية إلى غزة ولبنان

لا تقتصر هذه الخطة العسكرية على سوريا فقط، إذ يجري تنفيذها أيضًا في قطاع غزة وجنوب لبنان.

  • في غزة: أقامت إسرائيل حزامًا أمنيًا داخل القطاع يمتد بعرض 1 – 1.5 كيلومتر على طول الحدود الشمالية والشرقية، حيث يُستهدف أي شخص يقترب من هذه المنطقة. كما تطالب تل أبيب اليوم بجعل كامل القطاع منطقة منزوعة السلاح كشرط لأي اتفاق سياسي مستقبلي.
  • في لبنان: عززت إسرائيل وجودها العسكري في الجليل الأعلى، كما غيرت بنية الدفاعات الحدودية بالكامل عبر إقامة تحصينات جديدة وحفر قنوات أرضية لإعاقة أي عمليات هجومية. ورغم انتشار الجيش اللبناني، لا تزال إسرائيل تحتفظ بخمسة مواقع عسكرية استراتيجية على رؤوس الجبال والتلال داخل لبنان.

كما تصر تل أبيب على جعل المنطقة الممتدة من نهر الليطاني وحتى الحدود منطقة منزوعة السلاح، في خطوة تهدف إلى تقليص نفوذ حزب الله وتحجيم قدراته العسكرية.

الأردن بين التنسيق والمخاوف الإسرائيلية

تمثل الحدود الشرقية مع الأردن تحديًا أمنيًا خاصًا بالنسبة لإسرائيل، نظرًا لطولها الكبير واستخدامها المتزايد في تهريب الأسلحة وتسلسل المسلحين. ورغم وجود اتفاقية سلام بين البلدين، فإن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة تتبنى مواقف متشددة تجاه الأردن، حيث يطالب بعض أعضائها بإلغاء اتفاق السلام وتحويل الأردن إلى “دولة فلسطينية”، وهو طرح يرفضه الجيش الإسرائيلي الذي يسعى لتعزيز التعاون الأمني مع عمان.

ختامًا

يبدو أن العقيدة العسكرية الجديدة لإسرائيل، المتمثلة في “حرب الدوائر الثلاث”، تهدف إلى فرض واقع أمني جديد في المنطقة عبر توسيع النفوذ الإسرائيلي وتقليص القدرات العسكرية للدول المحيطة، في محاولة لتأمين مصالح تل أبيب على المدى الطويل. وبينما تتواصل الغارات الجوية والهجمات البرية، يبقى السؤال: هل ستتمكن إسرائيل من فرض رؤيتها الأمنية، أم أن المنطقة تتجه نحو تصعيد جديد قد يغير معادلات القوة مجددًا؟

 

جرير مراد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى